http://www.tvquran.com

TvQuran

athan times

Prayer Times For 6 Million Cities Worldwide
Country:

الجمعة، 18 سبتمبر 2009

مراحل تطور نظرات التطبيع








بعد عملية الانسحاب غير الكامل من قطاع غزة تابعنا ما يدور على الساحة السياسية من تطورات
حول التطبيع مع "إسرائيل" وكأن مكافأة المعتدي هي أسمى ما يلهث وراءه المطبعون لزيادةرصيد الإفلاس السياسي لديهم بإعلانهم الولاء الكامل دون أي تحفظات، وهي بوادر أزمة جديدة تزيد من هوة الاختلافات العربية والإسلامية أو لنقل التخبطات السياسية التي ستؤدي بالعالمين العربي والإسلامي إلى مزيد من التخلف والفرقة والتناحر وبعد عن الديمقراطية الأمر الذي لا يخدم مصالح الأمة.



ودعنا لنخوض في عمق المصطلحات والمفاهيم بخصوص ما يجري مع اليهود اليوم فالتطبيع مثلاً يمكن أن نستشف مفهومه من واقع ثلاث معاهدات تمت مع اليهود (السلطة الفلسطينية ومصر والأردن ) ويمكن القول إن التطبيع هو تمكين اليهود من أرض إسلامية، وعلى رقاب شعب مسلم، ووجود سفارات، وبعثات دبلوماسية، ومكاتب تجارية، وملاحق عسكرية، وثقافية وفنية، لاستجلاب اليهود مما يؤدي إلى إنشاء فنادق ومطاعم وبنوك ومراقص ومسارح، ولا يخفى أن هذه تتحول إلى أوكار للجاسوسية والماسونية والإرهاب.



وهنا نتساءل هل يجوز استفتاء هذه الشعوب بخصوص التطبيع إذا أردنا أن نأخذ بمبادئ الديمقراطية؟ أم سنترك الأمر للحكام لتقرير مصير شعوبها حسب ما تملي عليهم ضمائرهم وعقولهم؟.

اليهود استغلوا أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م للمطالبة بتغيير المناهج لتسهيل عمليات التطبيع وإلغاء مفاهيم البراء والولاء والجهاد وكثير من المفاهيم الإسلامية التي تمس صلب العقيدة والتوحيد وسوف يضيع الجزء الباقي بعد اكتمال التطبيع وكأننا نسينا قوله تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى) «البقرة:120». فهي قضية غير جدلية محسومة.



ويقصدون بالتطبيع الكامل إقامة علاقات تجارية وسياحية ودبلوماسية وثقافية وتاريخية طبق قرارات هيئة الأمم المتحدة، وليس طبقاً للدستور الإسلامي وهو القرآن والسنة. هذا هو معنى التطبيع عندهم. وبذلك نعرف أن الصلح بعد التطبيع يعني الاستسلام التام لهم وعلو شأنهم وإضاعة للدين ولمزيد من الأراضي عربية والإسلامية. أما ما يقصد بالصلح فلا يهمنا منه إلا ما اصطلح عليه شرعاً والمجمع عليه من علماء الأمة وهو: الصلح مع الكفار إن دعت المصلحة على وضع الحرب مدة معلومة إن كان عقداً لازماً، أو مدة مطلقة إن كان عقداً جائزاً ممكن الفسخ وقت الحاجة، هذا هو حد الصلح الشرعي بالإجماع، أما المصالحة المتضمنة تنازلات عقدية وإلغاء لأحكام شرعية فهذا صلح باطل شرعاً بالإجماع ولا يجوز، وليس هو صلحاً مسموحاً به شرعاً بل حقيقته استسلام ونكوص عن الشريعة وتخل عن بعض أحكامها وشرائعها.

وهنا لنا وقفة مع السياسيين الذين ينادون بالتطبيع وهل هم يستندون إلى فتاوى شرعية تحكم القائد وتحكم الرعية؟ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق أم أن لهم مطلق الحرية فيما يقولون ويعملون؟ وهنا نعود إلى مبدأ الاستفتاء الديمقراطي وهل هم يعملون به أم أنهم تولوا أمر الأمة دون الرجوع إلى علمائها الشرعيين؟ وهنا ينبغي أن يعلموا أن شروط كتاب الله أحق وشروط الله أوثق، ولا استفتاء على ما يخالف شرع الله.



ولن نخوض في جدل المسائل الفقهية فمردها إلى علماء الأمة وفتاواهم التي ينبغي أن يأخذ بها ويعمل بموجبها لا أن تترك حبيسة الملفات والمجلدات أو كتب الفتاوى ولكن يمكن لنا أن نتناول مفهوم التطبيع من معاجم اللغة علّنا نجد فيها ما يجعلنا نفهم المفهوم اللغوي أولاً قبل الخوض في تفسير الظاهرة وأبعادها ومراحل تطور نظرياتها وهناك أمثلة في معاجم اللغة تقول طبع الإنسان وسجيّته، وطبع الله على قلب الكافر، ومنه أيضاً طبْع السيف والدرهم، وتطبّع النهر إذا امتلأ، فهل نستطيع القول إن التطبيع هو الوصول بالمنطقة إلى حالة من الاحتقان (الامتلاء) السياسي أو حالة من التماثل بين اليهود والمسلمين في العادات والتقاليد.



وتكون تقاليدهم طبعاً فينا ومن سجايانا بحيث يزول مفهوم الولاء والبراء القائم على أساس الدين، ويكون طبعنا مخالفاً لما شرع الله لنا وأن نلتزم بما يشرعه لنا القانون الدولي والمعاهدات والاتفاقيات الثنائية مع "إسرائيل" التي نريد التطبيع معها، بحيث لا يقبل منّا أنصاف الحلول، لأن التطبيع هو الامتلاء بما يوضع فيه كامتلاء القربة أو الإناء أو غيره. وبالتالي يزيد الضغط على الأطراف المطبعة لكبح جماح المقاومة الشعبية التي اصطلح عليها (منظمات إرهابية) حتى يتم تطبيعهم أو ترويضهم أو كسر شوكتهم أو نحو ذلك وهي ما اصطلح عليها " الاستراتيجية التطبيعية".



تأتي المرحلة الثانية من تطور نظريات التطبيع وهي محاولة دخول دول إسلامية في التطبيع ظهرت بوادره في لقاء الباكستان مع "إسرائيل" لتسير قدماً نحو التطبيع حتى يتم سلخهم عن هويتهم الإسلامية، يتبعها بعد ذلك دول أخرى مثل ماليزيا وأندونيسيا والمبررات التي سيقت لهذا التطبيع كان منها هو تشجيع "إسرائيل" للقبول بقيام دولة فلسطينية بعد انسحابها من قطاع غزة لترسخ أحلام الهيمنة الصهيونية على المنطقة برمتها وتهميش الكبار فيها بعد تهميش مصر وتقييدها بمعاهدة السلام في كامب ديفيد، حتى أصبحت مصر الآن طرفاً لتسوية النزاعات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعدما تم تحييدها بالكامل بعد التطبيع بل ومن أكبر نتائجه.



ويمكن أن نعزو عملية الانسحاب للمقاومة العنيفة والانتفاضة المباركة التي تسعى أطراف عديدة إلى إنهائها بشتى الوسائل لأنها هي التي أفشلت بل وأخرت عملية التطبيع تماماً كما أخرت المقاومة اللبنانية حينها بل وأفشلت عمليات التطبيع ونشوء مقاومة واسعة لها في الأوساط الشعبية حتى سقط هرم التطبيع وتحول إلى سراب.

ظهرت بعد ذلك المرحلة الثالثة من نظريات التطبيع لتصبح ما سمي بنظرية التشجيع وتتبناها الآن باكستان وقطر والأردن، وفحوى هذه النظرية هو تشجيع الإسرائيليين من خلال التطبيع على التنازل الأمر الذي تأكد فشله في أكثر من مناسبة، فقد حصل التطبيع في المرحلة السابقة، لكنه لم يشجع الإسرائيليين على التنازل بل انعكست الآية تماماً الأمر الذي أدى إلى تنازلات عربية وإسلامية أكثر مما ينبغي، دون التطرق إلى أسس حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين حتى بعد انسحاب "إسرائيل" من غزة وهي ترفض إلى الآن عودة اللاجئين إلى القطاع.



تطورت المرحلة الثالثة لتبدأ المرحلة الرابعة من نظريات التطبيع لتصبح نظرية جديدة تقوم على ربط التطبيع بالمفاوضات ومن ثم الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة والقبول بخريطة الطريق لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة جنباً إلى جنب مع الدولة اليهودية وهو مصدر الإلهام لمن صاغ خريطة الطريق في مرحلتها الثانية وهي الدولة المؤقتة مقابل التطبيع وهو ما ظهرت بوادره هذه الأيام لتستعيد "إسرائيل" ما كان يربطها من علاقات مع الدول العربية بل زادت عليه مع دول إسلامية نووية كالباكستان.

فهل نستطيع القول إن ما سبق يمكن أن يكون أهم مراحل تطور نظريات التطبيع حسب مفهوم أممي جديد بعد ما فشل مشروع إصلاح الأمم المتحدة ومنح "إسرائيل" مقعداً دائماً لها في الأمم المتحدة حتى تتبوأ مكانة القوة العظمى التي تتولى ولاية العهد فيها الآن بعد انتهاء ولاية أمريكا على عرش العالم وسقوطها بعد عمر طويل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق