بقلم : جو بورج
المفوض الأوروبي للشئون البحرية ومصائد الأسماك
عندما بدأنا عملية وضع سياسة بحرية متكاملة للاتحاد الأوروبي, كل ما كان علينا أن نسترشد به هو الاقتناع بأن نهجنا التقليدي الخاص بكل قطاع تجاه القضايا البحرية لم يخدم بشكل جيد بحارنا أو المجتمعات التي تعتمد عليها. وبعد خمس سنوات يمكن للاتحاد الأوروبي أن يتفاخر بأن لديه سياسة ترتكز علي التعاون والتشاور وتجميع الجهود والموارد, وهو نهج تقتدي به الآن الدول سواء داخل أو خارج الاتحاد الأوروبي.
في يوم15 أكتوبر, اعتمدت المفوضية الأوروبية تقرير المتابعة بشأن السياسة البحرية المتكاملة, حيث يشتمل بالتفصيل علي تطورها حتي الآن, فضلا عن رسم السبيل إلي الأمام. وإلي جانب التقرير, قدمت المفوضية أيضا استراتيجية معينة ترسم الطريق نحو التكامل في مجال المراقبة البحرية.
هل يحتاج الاتحاد الأوروبي إلي مراقبة بحرية متكاملة؟
الجواب بوضوح هو نعم, فالبحار الأوروبية تعد مصدرا قيما للرخاء بالنسبة للاتحاد الأوروبي, والطائفة الواسعة من الأنشطة, بدءا من التجارة والشحن البحري لصيد الأسماك, والسياحة, كلها شاهدة علي ذلك, ومع ذلك فإن البحار هي أيضا مسرح لحوادث السفن وتسرب النفط وممارسات الصيد غير القانونية وغير المنظمة وغير المرخص بها, والجريمة المنظمة وتهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر, فضلا عن التهديدات الإرهابية التي تتطلب التدخل العسكري.
في الوقت الحاضر, تدار هذه التحديات بطريقة مجزأة, في إطار عدة سلطات قطاعية مختلفة ـ سواء كانت السلطات المسئولة عن مراقبة الحدود والجمارك, أو مراقبة مصائد الأسماك, أو السلامة البحرية, أو التصدي للتلوث البحري, والأمن البحري للسفن والمواني وانفاذ القانون العام والدفاع.
المراقبة البحرية هي خير مثال لدرء التحديات سابقة الذكر: جرت العادة أن تقوم السلطات القطاعية المختلفة في كل دولة من دول الاتحاد الأوروبي بجمع البيانات والمعلومات التشغيلية لتلبية احتياجاتهم الخاصة. وهذا يعني أن الفوائد المترتبة علي الأعمال التي يقومون بها لا يتم تقاسمها بالضرورة, ومع ذلك تكون مزايا تقاسم معلومات المراقبة البحرية واضحة, في كثير من الأحيان, تقوم السلطات بتناول جوانب مختلفة من نفس المشكلة لذلك فمن المنطقي مثلا أن يتم تمكينها من تبادل البيانات والمعلومات للمراقبة البحرية, وهذا الأمر من شأنه تعزيز الوعي بالأوضاع البحرية وزيادة كفاءتها وخفض التكاليف.
وتحدد الاستراتيجية التي اعتمدتها المفوضية الأوروبية أربعة مبادئ توجيهية لتشكيل بيئة مشتركة لتقاسم المعلومات. المبدأ الأول يشير إلي نهج ترابط جميع الجهات المستخدمة التي ستمكن جميع السلطات المعنية من الوصول إلي المعلومات التي يحتاجون إليها علي أساس حقوق محددة مسبقا للوصول للمعلومات. والمبدأ الثاني يتضمن بناء إطار تقني للتشغيل المتبادل والتكامل في المستقبل. وذلك للاستفادة المثلي من النظم القائمة مع الأخذ في الاعتبار الشواغل الأمنية ولوائح حماية البيانات. ويتناول المبدأ الثالث تبادل المعلومات بين السلطات المدنية والعسكرية, وينبغي أن يعمل هذا الأمر علي تجنب الازدواجية وخفض التكاليف, استنادا إلي معايير وإجراءات مشتركة من أجل الوصول إلي المعلومات واستخدامها. ويتناول المبدأ الرابع أحكاما قانونية محددة يتم بموجبها تبادل البيانات لضمان احترام حقوق الملكية الفكرية, وحماية البيانات الشخصية وأحكام السرية.
الانتقال من الاستراتيجية
إلي مرحلة تنفيذ الإجراءات
سوف يتم العمل في هذه البيئة المشتركة لتقاسم المعلومات بالتنسيق الوثيق مع السلطات في مختلف القطاعات المعنية علي مستوي الاتحاد الأوروبي والمستوي الوطني علي حد سواء. هذه الاستراتيجية تعني ما هو أكثر بكثير من الناحية النظرية. ومن بين مبادرات أخري فإننا نشرع في إطلاق مشروعين رائدين لاختبار مدي تكامل المراقبة البحرية في الدول الأعضاء والقطاعات المطبقة للمراقبة, أحد المشروعين في منطقة البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلنطي المحيط به, والآخر في أحواض البحر الشمالي.. وستعمل النتائج من هذين المشروعين ـ اللذين سيستغرقان عامين ـ علي تغذية عملية زيادة التكامل في المراقبة البحرية.
وكما هو الحال بالنسبة للأوجه المتعددة من الأنشطة البحرية, فإن التكامل هو الطريق إلي الأمام بالنسبة للمراقبة البحرية. والأمر لا يعني التكامل في حد ذاته, بل يعني تعزيز الكفاءة التشغيلية مع الاستفادة المثلي من استخدام أموال دافعي الضرائب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق